جميل ان نتقدم اقتصاديا وان نحقق طفرة عمرانية، وان نشيد مصانع ونبني موانيء ومطارات، وان ننشيء ونعمم شبكة الطرق السيارة، وان يكون عندنا القطار فائق السرعة”TGV”،وان يكون لدينا اكثر من قمر صناعي، وان وان… ،الى غير ذلك من الوسائل التي تتيح لنا، مواكبة التطور التكنولوجي الذي تشهده دول العالم المتقدم، لكن علينا قبل ذلك وباﻻساس ان نهيء اﻻنسان المغربي تربويا واخلاقيا، حتى يتاتى له هضم هذا التطور ومسايرته، وحتى يكون في مستوى يسمح له بالتكيف والتعامل معه ايجابيا، واﻻسنكون -على راي المثل-، كمن يصب الماء فوق الرمال ينتظرعبثا، ان ينبت شجرا اويثمر زرعا .
لعل التركيز على التعليم وحده واهمال جانب التربية، ساهم في صعود جيل وان كان يعرف ابجدية القراءة والكتابة، فان سلوكاته تنم عن عدوانية دفينة، وتفتقرللجرعة الكافية من الروح الوطنية التي من شانها ان تحفزه، على الغيرة على ممتلكات وطنه بدل الحقد عليها ومعاملتها بنوع من اﻻنتقام، كما لوكانت ممتلكات العدو، حيث يعمد عن عمد وسبق اصرار،الى الحاق الضرر بها، وتبعا لذلك تحولت شوارعنا الى مزابل حقيقية ملأى باﻻوساخ، لدرجة اصبح المرء يشعر بالخجل وهو يتجول فيها، ويشاهد اعقاب السجائر وعلب الماء والمشروبات الغازية الفارغة ولفائف اﻻوراق، ملقاة في كل مكان وتحتويها كل اﻻركان، فكل من استهلك شيئا وقضى وطره الحيواني، اﻻوتخلص من بقايا ما استهلك بالقذف بها في الشارع، اما عن احوال حافلاتنا وقطاراتنا فحدث وﻻحرج، فالمقاعد الجلدية تتعرض ﻻعتداءات شنيعة، ويتم تقطيعها اربا اربا بشفرات الحلأقة احيانا ودونما مبالغة، اما مرايا القطارات فتهشم وتكسر، وصناديق القمامة المثبتة في الشوارع، فتقتلع من اماكنها ويرمى بها على اﻻرض، الى غير ذلك من السلوكات الحيوانية المشينة، علما ان الجيل الذي سبق الجيل الحالي كان اكثر حرصا على نظافة محيطه، فبالرغم من انه لم يكن متعلما ولم ينل حظه من التعليم كمالم تتوفر له اسبابه، فانه كان يتمتع بمستوى تربوي محترم .
ان واقعنا اليوم والحالة هذه، يحتم اعادة النظر في النموذج التنموي الذي يجب علينا اتباعه، اذ من العبث ان تصرف ملايير الدراهم على اقامة منشات من الحجم الذي ذكرنا انفا، ويهمل بناء اﻻنسان الذي تقام من اجله هذه المنشات، انسان متحضر يرقى باخلاقه وسلوكاته الى مستوى نظيره في العالم المتقدم، حتى يمكنه ان يحافظ على انجازاته ويعمل على تنميتها، وبالتالي تكون له الغيرة على ممتلكات وطنه، واذاك فقط يمكننا ربح رهان التنمية، اذ ﻻتنمية بدون انسان نامي حضاريا وتربويا واخلاقيا، ثم بعد ذلك تكنولوجياوعلميا.
محمد الأمين ازروال
258