حب الوطن فطرة فطر الله الناس عليها، فكل الشعوب تحب اوطانها لدرجة التقديس احيانا، وهو امر طبيعي ينسجم مع التعاليم التي تقول:”حب الوطن من الإيمان”، بل هناك صنف من الطيور تتخذ صخرة في عرض البحر وطنا لها، رغم أن أرض الله واسعة، حيث تطير محلقة في السماء كلما طفت امواج البحر على الصخرة، وبعد انحسارها تعود إلى وطنها، أي الى الصخرة انها الفطرة.
بينما المغاربة لا تعكس أقوالهم على الاقل التقيد بهذه التعاليم، رغم ان المغرب يعتبر من اجمل البلدان في العالم، اذ يتمنى كل من زاره من مختلف البلدان، حتى المتقدمة منها لو كان وطنه، ليعيش في نعيمه حيث الطبيعة الخلابة والتربة المعطاء بخيراتها الطبيعية المتنوعة.
وكدليل على جحود المغاربة بوطنهم، هوانه كلما أعترض سبيل احدهم، مشكل ما ولو كان عاديا ولا إراديا وايا كان مصدره، إلا وصب جام غضبه ليس على شخص بعينه قد يكون ربما هو المتسبب فيه، ولكن على الوطن الذي لامسؤولية له في ذلك كارض وكتربة ، حيث سرعان ما ينفجر مرددا قولة أضحت لأزمة وهي الله:” يلعن بوها بلاد”.
والأغرب من ذلك أن هناك بعض المغاربة يحرصون أن تلد زوجاتهم الحوامل في بلد اروبي او امريكي، كي يكتسبوا جنسيته اما اثرياؤنا وسياسيونا المحترمون فجلهم حاصل على جنسيات اجنبية.
اجل قد يقول قائل ان سب البلد من باب إطلاق المحل وأرادة الحال فيه، ولكن وحتى لو سلمنا بهذا المفهوم البلاغي، فإن تكرار هذه الظاهرة يحمل بين ثناياه، كراهية غير مبررة للوطن الذي لكثرة حبه تغنى به الشعراء قديما حيث يقول أحدهم :
بلادي وان جارت علي عزيزة
وقومي وان ضنوا علي كرام
والأدهى والأمر أن كل من تحدثت اليه من المغاربة سواء قل شانه اوعظم، الا وعبر لك عن رغبته في الهجرة وطفق في تعداد مساوئ الوطن، كما لوكان لا محاسن له على الاطلاق، مبديا في نفس الوقت تحسره على البقاء في جحيمه، وعن اضاعة فرص كثيرة في الماضي لمغادرته إلى الجنة الأوربية او الامريكية.
يحدث هذا في الوقت الذي يتغنى بجماله الأوروبيون والأمريكيون انفسهم، وحتى الأفارقة لاعجابهم به اتخذوه كاقامة دائمة، بعد أن كان بالنسبة اليهم مجرد جسر ومرحلة مؤقتة للعبور إلى الجنة الاروبية،كما يقصده عدد من الاروبيين بعد تقاعدهم لقضاء بقية حياتهم فيه، لأنهم يعتبرونه هو الجنة الحقيقية وليست اروبا او امريكا كما يتوهم بعض المغاربة.
لا يمكن انكار أن المغرب رغم جماله الطبيعي يعتبر نسبيا بلدا متخلفا، مقارنة بعدد من البلدان المتقدمة، كما أنه يعيش أزمات اقتصادية لاسباب متعددة، منها بطبيعة الحال سوء التدبير والتسيير، وكذلك يعاني سوء التوزيع العادل للثروة، لكن ذلك ليس قدرا محتوما إذ يمكن معالجته وتجاوزه مع مرور الزمن وتغيير العقليات.
مهما يكن من امر فان كل هذه الاعتبارات لا تبرر السب والقذف في حق اجمل بلد في العالم، وهو فعلا كذلك وليس كما يستعمل البعض هذه العبارة من باب السخرية ، بل يجب أن تكون حافزا لهم للمزيد من حبه والتعلق به، وذلك بالعمل على إصلاح الأوضاع والمطالبة بتحسينها بالطرق الديمقراطية المشروعة.
محمد الأمين ازروال
كل الشعوب تتغنى بجمال اوطانها فحب الوطن من الايمان.. بينما لايتورع بعض المغاربة في كيل السباب لوطنهم…!
ذ محمد الأمين أزروال
249
المقالة السابقة