في إحدى مقالاتي الرمضانية تحدثت فيها عن المرأة والتي صادفت اليوم العالمي للمرأة ، هذه المرأة التي هي الأم و الأخت و الزوجة والبنت وشريكة الرجل في ما ينتج تكاثر النسل و استمرارية الحياة البشرية ومعها أداء جميع أدوار الحياة المنوطة بها و التي هي تكاد تطابق تماما وظائف الرجل إلا في القليل من الوظائف التي تبقى حكرا على الرجال داخل مجتمع دينه الرسمي الإسلام وفق دستور الأمة .
من خلال هذه المقدمة التي ساد النقاش فيها خلال الآونة الأخيرة حول تعديل مدونة الأسرة وكل التيارات المتجاذبة إما فردية أو مؤسسات الكل يريد من فكره أن يكون الأرجح و أن يأخذ طابع الرسمية في التطبيق .
إن دولة المؤسسات و التي هي في المملكة الشريفة ،المؤسسة الملكية أولا و رئاسة الحكومة والبرلمان مصدر التشريع والمؤسسات الموازية كالمجلس العلمي الأعلى ومؤسسة السلطة القضائية وهيئات المجتمع المدني بمختلف تلاوينها يجعل من هذا النقاش تارة ينصف المرأة في التعاطي مع تعديل المدونة وتارة ترى تجاذبات تجعل من هذا النقاش عقيما و كأن مجمل الأفكار في صياغتها لم يتولد عليه تقاربا من شأنه أن يقرب الرؤى غايته يبلور مشروع تعديل قابل لطرحه داخل المؤسسة التشريعية بعد تقديمه لجلالة الملك عن طريق رئيس الحكومة وفق ما تجري به القوانين المؤطرة لذلك .
من خلال كل هذا يظهر أن أهمية المرأة داخل المجتمع و إيلائها كل هذا الإهتمام من أجل صناعة مشروع يضمن لها مزيدا من الحقوق في التطبيق لأن المجتمع الإسلامي فيه رب العباد و الإله المعبود أعطى لكل ذي حق حقه ، ما مدى تنزيل هذا الحق على أرض الواقع و السهر عليه هو الذي يثري النقاش من أجل إيجاد ذلك التنزيل الأمثل لهذه الحقوق و لاشك أن أمير المؤمنين في حق جلالة الملك محمد السادس نصره الله ضامنة و حافظة لهذه الحقوق باعتبار أمير المؤمنين ساهر على حفظ الملة والدين وهو الذي أعطى حفظه الله الإذن بالشروع في مراجعة أحكام هذه المدونة كما فعل ذلك في سنة 2004 .
إن الإنسانية في تعايشها لا شك أننا ننفتح عليها في أخذ ما يمكن أن نستفيد منه وبعد التدقيق الجيد في مدى ملائمته لنا كمجتمع له خصوصيته و ما قرارات الأمم المتحدة وجنيف وغيرها من الهيئات الدولية التي تتحدث عن حقوق المرأة و الإنسان لا شك أن في الميزان ما جاء به ديننا الحنيف ، رغم أنه لا قياس مع وجود الفارق كون ما جاء في الأول صادر عن رأي ، أما ديننا الحنيف السمح فهو روحي ولما نؤمن إيمانا يقينا أن الوحي جاء ختاما برسالة الإسلام كآخر الديانات لاكتمال النضج العقلي لدى البشرية كله خير لهذه الإنسانية .
إذن ، على كل من يناقش ويريد أن يخرج بتصور في إطار تشريع حسب المؤسسات لما يدرك أن الوحي هو الذي حدد الحقوق و الواجبات فليس هناك ظلم لهذا على ذاك وكيف لا و الله يقول في حديث قدسي : ” إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا ” .
إذن ، كما قلت آنفا مادامت الدولة تعيش على احترام حرية الرأي ومقدسات الدولة : الله الوطن الملك ، الله في دينه وحفظ سيادة الوطن وملك البلاد ضامن لتطبيق هذه الحقوق ، أي أن كل نقاش داخل هذا المثلث وداخل مجتمع ناضج من قبل النساء أنفسهن أولا بمعنى ألا ينجرفن وراء ما قد يجعل النقاش يخرج على ما ذكرت أعلاه بمعنى تقليد الغرب في فكرهم مجملا يعني أننا قاصرين على إنتاج فكر خاص بنا و على كل متشبع بالفكر الحداثي المنبثق من القيم المتجدرة في بلدنا منذ قرون و في ظل القيادة العلوية الشريفة منذ تأسيسها وهي تحافظ على الدين الوسطي السمح كما تحافظ على عدم المساس به وهو ما أكده جلالة الملك في خطابه السامي :” لن أحرم حلالا و لن أحلل حراما ” .