
مع تفاقم الأزمة المرتبطة بالحرب في أوكرانيا وتداعياتها الدولية على المستويين الاقتصادي والاجتماعي، و تدني أي أمل في إنهاء هذه الحرب على المدى القصير، بشكل ينذر بتعميق تأثيراتها العابرة للحدود، مع تحذير الأمم المتحدة من مجاعة تهدد الدول الفقيرة خصوصا، و ما يترتب عن ذلك من اضطرابات أمنية و هجرات جماعية عبر العالم، ولا شك أن قارتنا السمراء تعد الأكثر تهديدا بتفاقم أزمة الأمن الغذائي، ليس فقط بسبب الحرب، بل كذلك كنتيجة طبيعية للجفاف المرتبط بالتغيرات المناخية، كما هو الأمر بالنسبة للوضع الإنساني المأزوم الذي تعيشه اليوم بعض دول شرق إفريقيا (إثيوبيا، كينيا والصومال).
بالإضافة إلى الغذاء، يعيش العالم أزمة طاقية هي الأصعب خلال القرن الواحد والعشرين، بسبب نقص الإمدادات من النفط والغاز والفحم، وضع ينضاف إلى التأثيرات الوخيمة لجائحة كورونا بسبب عمليات الإغلاق وتعطيل سلاسل التوريد، مما أدى إلى إعاقة ضمان ولوج الجميع إلى الطاقة والغذاء بشكل منتظم ومستدام وبأسعار معقولة.
إن المغرب ليس بمعزل عن هذه الأزمة المركبة، حيث تعيش نسبة مهمة من المواطنين وضعا مزريا متسما بارتفاع أسعار المواد الغذائية و الطاقية بشكل تصاعدي، في ظل استمرار الحرب و تأثير تأخر التساقطات المطرية على الإنتاج الفلاحي الذي يعتبر ركيزة أساسية للاقتصاد الوطني، أمام عدم تمكن الحكومة من اتخاذ الإجراءات اللازمة لتخفيف هذه التداعيات على المواطن البسيط، رغم بعض المبادرات المحمودة التي لا تصل إلى مستوى الإستدامة.
إن مشروع حزب التجمع من أجل التغيير الديمقراطي، كمشروع سياسي شبابي بفكر جديد، انطلاقا من واجبه و من عمق شعاره الأبدي "تمغربيت... الوطن أولا"، إذ يشيد بالموقف المغربي المتزن من الحرب الروسية الأوكرانية، فهو يدعو الحكومة إلى التدخل العاجل والناجع لتخفيف تداعيات الأزمة العالمية المركبة على الاقتصاد المغربي وعلى المواطنين، من خلال:
إن مشروع حزب التجمع من أجل التغيير الديمقراطي، مقتنع بأن بناء الدولة الاجتماعية، رهين بوفاء الدولة بالتزاماتها الاجتماعية من خلال توفير تعليم وصحة مجانيين وبجودة عالية، و ضمان الحق في الشغل للجميع، ويعتبر أن الأزمة العالمية لم تكن سببا وحيدا في تأزم الوضع، بل إن الأمر يتعلق في العمق بالاختيارات الاقتصادية والاجتماعية لمختلف الحكومات المتعاقبة، اختيارات نيوليبرالية أبانت عن فشلها في هذه الظرفية الدقيقة التي يمر منها العالم، ظرفية تحتاج إلى استخلاص الدروس لإعادة النظر في هذه الاختيارات الاستراتيجية، للمضي قدما بثبات وهدوء نحو المستقبل.
إن مشروع الحزب إذ يدعو الحكومة إلى التدخل العاجل والناجع لتخفيف تداعيات الأزمة على معيشة المواطنين، فهو مؤمن بضرورة تكاثف الجهود و انخراط الجميع في العمل من أجل تجاوز كل العقبات و التعامل مع كل المستجدات بمسؤولية، لمواجهة التحديات الإقليمية والدولية، وبناء نهضة مغربية جديدة تليق بتاريخ وحضارة وطننا العريق، وتستجيب لتطلعات شعبنا، كما يجدد تشبثه بقضيتنا الوطنية الأولى، قضية الوحدة الترابية، ويشيد بالعبقرية والحكمة الملكيتين اللتين تدبر بهما سياستنا الخارجية، ويدعو النظام الجزائري إلى الكف عن مواقفه العدائية الفاشلة و غير المقبولة تجاه المغرب، ويذكره بأن قضية الصحراء المغربية هي قضية وجود بالنسبة للمغاربة جميعا ملكا وحكومة وشعبا، وأن ما تتطلع إليه شعوب المغرب الكبير ليس المؤامرات الخبيثة و محاولات تصدير الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وإنما التنمية و الديمقراطية و التقدم إلى الأمام لإيجاد موطأ قدم لها بين الأمم في عصر التكتلات الإقليمية و الدولية.